الزواج علاقة اجتماعية تربط بين طرفين مختلفين في التفكيروالمواصفات ونجاح هذه العلاقة يعني الوصول بسفينة الحياة الزوجية إلى بر الأمان.
فكيف ينظر هذين الطرفين لهذه العلاقة؟وسنبدأ بنظرة الفتاة الواعية للزواج
تقول أحلام حاصلة على شهادة الإجازة في القانون الخاص ومقبلة على الزواج "نظرتي للزواج كانت ولاتزال نظرة متفائلة فالزواج بالنسبة لي يرتكز بالأساس على الجانب المادي فإذا كانت الظروف المادية للزوجين أو احدهما جيدة فحتما ستكون هذه العلاقة في امان وأنا والحمد لله ظروفي المادية جيدة..ولا انكر أن الأخلاق شرط ضروري في مواصفات الطرفين وأهمها الإحترام المتبادل لكن الأستقرار المادي يشكل الركيزة المهمة لاستمرار هذه العلاقة"
كلام له اساس من الصحة فالمال من النعم التي لها بالغ الأثر في حياة الإنسان والتي أصبح الشخص يسعى للحصول عليها اشباعا لشهواته وإرضاء لتطلعاته. يقول سبحانه وتعالى(المال والبنون زينة الحياة الدنيا).
بل إن المال من الخصال التي تُنكح المرأة من اجله وتُختار، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:"تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك"فمقاصد الناس في الزواج مختلفة فمنهم من يبحث عن ذات الجمال ومنهم من يطلب الحسب ومنهم من يرغب في المال ومنهم من يتزوج المرأة لدينها وهو ما رغب فيه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله "فاظفر بذات الدين تربت يداك" فالدين هو غاية البغية ومنتهى الإختياروالطلب وإذا انضاف إلى الدين الجمال وغيرهمن الصفات المذكورة فحسن وإلا كان الدين اولى وأجدلا بالحضوة والمتابعة.
اما خديجة حاصلة على دبلوم الدراسات العليا في الدراسات الإسلامية تقول:"نظرتي للزواج الذي يحددها هو الطرف الثاني فلو كان زوجا متفهما فحتما نظرتي ستكون متفائلة ولو كان عكس ذلك فحتما ستكون نظرة سلبية"
جعلت تحديد نظرتها للزواج رهين بالطرف الآخر الذي اعتبرت أن له الأثر الأكبر في التحديد بالإيجاب أو بالسلب بل جعلت ذلك كمعادلة رياضية فقالت"الزوج غير متفهم = زواج فاشل وصعب = نظرة سلبية"
معادلة غير صحيحة نسبيا وسبب ذلك إن إلقاء نجاح العلاقة أو فشلها وبالتالب تحديد نظرة الزواج ملقى على طرف واحد وهو الزوج ربما لأن خديجة تنظر لنفسها انها زوجة صالحة مستعدة لطاعة زوجها ورضاه لذلك لو وجدت الزوج المتفهم فالعلاقة ستسير في مسارها الصحيح وانذاك تتحدث نظرتها بالتفاؤل لكن تجاهلت امرا مهما وهو أنه مهما بلغت درجة الإنسجام والحب والتفاهم قبل الزواج فهناك المفاجآت التي لم تكن في الحسبان غما من جانب الزوج أو الزوجة،فالزواج ليس نزهة أو رحلة أو مشرعا استثماريا إذا خابت إحدى التقديرات انهارت العلاقة الجميلة أمام أول صخرة تواجه مسار الزواج.
اما حنان حاصلة على شهادة الإجازة في الدراسات الإسلامية ومعلمة فنظرتها للزواج كانت ولا تزال متشائمة بحكم محيطها الذي عاشت فيه فهي تقول"الأزواج في عائلتي لا ثقة فيهم هم متزوجون ومنهم من هو أب ومع ذلك يتركون زوجاتهم ويتغزلون بي بل ويحكون لي خصوصياتهم…الأمر الذي جعلني انظر إلى الزواج كأنه مجرد مظهر اجتماعي قائم على الخيانة وعدم الإحترام والنفاق…حاولت أن أغير نظرتي التشاؤمية التي سببها بالأساس النماذج السيئة التي في عائلتي ولكن للأسف حتى من عرفتهم في المحيط العملي زادوا الطينة بلة وجعلوني أشد شؤما….جعلوني أقر من جديد وأقول أن الزواج هو مجرد مظهر اجتماعي يجعل الفتاة تَشعر في قرارة نفسها وتُشعر من حولها باناها مرغوبة وحتى لا تظل طلمة "عانس"أو"بايرة" تشار لإليها باللسان أو بالتلميح…ولا أقبح من هاتين الصفتين..وكفي أن الزواج في نظري هو الوسيلة الشرعية الوحيدة لتحقيق شعور الأمومة فأن أكون اما يكفي…ولا أبالب إن صار زوجي يغازل اخرى أو يحكي لها خصوصياتنا…ولا أبالي إن صارت هذه العلاقة جحيما" ثم تتنهد وتقول" ربما عدم الزواج أفضل"
كلام يفيض من قلب نحترق انكون من نار توقدت من واقع معاش فانعكس على نفسية ازدادت نظرتها شؤما وهذا طبيعي لأن الفتاة التي تشهد مع أسرتها أو المحيطين بها النزاعات الأسرية المستمرة فإن رغبتها في الزواج تقل وكذلك الشاب أو على الأقل يدخلان الحياة الزوجية وفي ذهنهما العديد من التصورات الخاطئة والإنطباعات السيئة التي قد توحي بفشل أو تعرقل الحياة الزوجية(فالطفل ابن بيئته)
وما يلاحظ من كلام حنان أن نظرتها التشاؤمية سببها المباشر هو الزوج أو الطرف الآخر-كخديجة- لكنها لم تسأل نفسها سبب ذلك؟ ألا يكن التقصير من الزوجات؟؟
لكنها نفت ذلك باعتبار أن أغلب من عرفتهم لهم زوجات لهن نصيب من الجمال.
لكنها نست امرا أهم وهو أن الجمال ليس كل شيء فالرجل يريد إلى جانب الجمال حلوة اللسان جميلة الوصال طيبة الصفات عندئد تدوم العشرة وتطول وان يكون خط الإتصال بينها وبين أهل زوجها قويا والا تكون مصدر الخلاف معهم فالزوج يتزوج حتى يرتاح باله وقد يفر ممن لاتضمن له راحة البال فعلى المرأة أن تبدأ بالحسنى والمعروف وغلا فإنها ستجني ما قدمت يداها.
أمينة حاصلة على شهادة الإجازة في الأدب العربي كل من جاء لخطبتها يشترط عليها أن تجد عملا توافق حنان في نظرتها وتقو "قبل أن نسأل عن نظرة الفتاة للزواج علينا أن نسأل نظرة الشاب… فالشاب في وقتنا الحاضر أصبح ينظر للزواج على أنه رحلة تجارية بقدر ما توفرت في الشريك الذي سيخوض معه هذه الرحالة الكفاءة المادية فستكون رحلة- بالنسبة له- مربحة وناجحة وستكون رحلة بالنسبة للطرف الثاني رحلة استثمارية فقط ،رحلة جافة لاموةدة فيها…فإن كان أغلب الشباب هذه هي نظرتهم فكيف تريد أن تكون نظرتي؟؟ هل ساكون أنظر لللمستقبل بتفاؤل؟…..حتما لا" صمتت قليلا ثم قالت"…ولكن انا مستعدة لان اغير نظرتي إذا وجدت الشاب الذي يعطي لميثاق الزوجية حقه ويعرف الركائز المهمة لبناء حياة زوجية سعيدة"
فامينة جعلت نظرتها متأرجحة بين أن تصفها بالإيجابيو ومرة أخرى بالسلبية والذي يحكم في تحديد تلك المظرة هو الطرف الثاني وهذا بمثابة المعادة التي جعلتها خديجة كقاعدة أساسية في تحديد نظرتها للزواج.
اما سلمى فتقول"نظرتي للزواج نظرة تفاؤل والحمد لله بحكم علاقة والديّ والذي أثر على نظرتي تلك تعامل امي كزوجة صالحة مطيعة تحسن التصرف في كثير من المواقف …لكن لا أنكر أن هذه النظرة يكسوها بعض التخوف وسبب ذلك هو مانراه في مجتمعنا وما نسمعه من قصص بعض الذين فشلوا في هذه العلاقة خاصة من الفئة الواعية الشيء الذي رسخ في ذهني بعض المخاوف والتصورات المسبقة من هذه العلاقة…ولكن أحيانا اقول ربما حسن المعاملة والصبر والعفو عن زلات الطرف الآخر والتسامح والود قد يوصل هذه العلاقة إلى برالأمان"
نظرات متباينة فكل فتاة فتاة تنظر للزواج بنظرة مختلفة عن غيرها وترتبط أغلب وجهات النظر بالبيئة الأسرية التي تعيشها كل فتاة بل ترتبط بالمحيط الخارجي والمؤثرات التي يتأثر بها الفرد في علاقته مع المجتمع.
والنظرة للزواج كي تكون نظرة صحيحة عليها أن تتجرد من التصورات المسبقة فعل الشاب والفتاة أن يبحثا عن السعادة في قرارة نفسيهما فالسعادة لا تكتسب وإنا هي كامنة داخل النفس البشرية وعلى طرفي الحياة الزوجية أن يكون مؤهلين تأهيلا شرعيا ويعلما ما عليهما وما لهما حتى تكون نظرتهما للزواج نظرة صحيحة قائمة على طاعة الله اولا وعلى تحقيق السكينة والمودة بينهما ويعرفا أن مفتاتيح السعادة الزوجية في يد كل من الزوج والزوجة خاصة إذا توفرت الرغبة القوية من كلا الجانبين في الإهتمام بالآخر.
وبعد أن استعرضت الموضوع بعجالة فإني أهمس في أذن كل فتاة قائلا لها: كيف تنظرين للزواج؟ وعلى أي أساس قامت تلك النظرة؟
بقلم الأستاذة سلوى