صفته "صلى الله عليه وسلم" خَلْقاً و خُلُقاً:
قال أبو هريرة رضي الله عنه، يصف الرسول "صلى الله عليه وسلم" يقول: (( كان ربعة – أي وسيط القامة – وهو إلى الطول أقرب، شديد البياض، أسود شعر اللحية، حسن الثغر، أهدب أشعار العينين، بعيد ما بين المنكبين، لم أر مثله قبل ولا بعد )).
وكان رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، فيما وصفه الصحابة، أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان: وكان أحسنهم خلقا وخلقا، و ألينهم كفاً و أطيبهم ريحاً، و أحسنهم عشرة، و أشدهم لله خشية، لا يغضب لنفسه و لا ينتقم لها، و إنما يغضب إذا انتهكت حرمات الله، فلا يقوم لغضبه شيء حتى ينتصر للحق، وكان خلقه القرآن، وكان أكثر الناس تواضعاً، يقضي حاجة أهله، ويخفض جناحه للضعفة، وكان من أشد الناس حياءً. ما عاب طعاماً قط، إن اشتهاه أكله و إلا تركه، ولا يأكل متكئاً ولا على خوانٍ. وكان يحب الحلواء و العسل، ويعجبه الدّباء ( أي اليقطين ). وكان يأتي الشهر و الشهران لا يوقد في بيت من بيوته نار. وكان يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة. وكان يخصف النعل، ويرقع الثوب، ويعود المريض، ويجيب من دعاه من غني و فقير. كان فراشه من أدم حشوه ليف، وكان متقللاً من أمتعة الدنيا، وقد أعطاه الله تعالى مفاتيح خزائن الأرض كلها فأبى أن يأخذها و اختار الآخرة عليها. وكان كثير الذكر، دائم الفكر، جل ضحكه التبسم، وكان يمزح ولا يقول إلا حقاً، وكان يتألف أصحابه ويكرم كريم كمل قوم لوليه أمرهم. وكان أوسع الناس صدراً، وأصدقهم لهجة، و ألينهم عريكة، و أكرمهم عشيرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه.
عن أنس، رضي الله عنه، قال: (( ما مسست ديباجاً ولا حريراً ألين من كف رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، ولا شممت رائحة قط أطيب من رائحة رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، ولقد خدمت رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، عشر سنين فما قال لي قط أفٍّ، ولا قال لشيء فعلته: لم فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله، ألا فعلت كذا )).
( متفق عليه ).
مع الله تعالى:
كان رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، على الرغم مما أكرمه الله تعالى به من الرسالة، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أعظم الناس اجتهاداً في العبادة.
عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: (( كان النبي "صلى الله عليه وسلم"، يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه فقلت له: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر )).
قال: (( أفلا أكون عبداً شكوراً؟ )).
( متفق عليه ).
وكان "صلى الله عليه وسلم"، يقول: (( وجعلت قرة عيني في الصلاة )).
( رواه الحاكم ).
وكان إذا حزبه أمر يفزع إلى الصلاة، ويقول لمؤذنه بلال رضي الله عنه: (( أرحنا بها يا بلال )).
وروي عن السيدة عائشة رضي الله عنها: (( أن النبي "صلى الله عليه وسلم" كان يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم)).
( متفق عليه ).
وكان أجود الناس حتى إنه مات وليس في بيته دينار ولا درهم، وكان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر.
مع الناس:
كان أوسع الناس صدراً، يمازح أصحابه و يخالطهم، ويداعب صبيانهم، ويعطي كل ذي حق حقه، ويجيب دعوه الحر و العبد، ويعود المرضى. وكان للمسلمين أباً رحيما يحنو عليهم، وكان يعمل في خدمة بيته، فقد روي عن عائشة رضي الله عنها: (( أن النبي "صلى الله عليه وسلم"، كان يكون في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة )).
( رواه البخاري ).
وكان "صلى الله عليه وسلم"، يقول: (( خيركم خيركم لأهله و أنا خيركم لأهلي )).
( رواه البخاري ).