الحناء يحتوي على مواد كيميائية سامة قد تحلل دم الإنسان
الهيئة الأمريكية للغذاء والدواء تحذر والتحاليل تؤكد احتواءها على الرصاص والزئبق والنيكل
جريدة الرياض : د . خالد بن عبدالله المنيع : تتميز بعض الشعوب بعادات اجتماعية قد تؤثر على حياتهم وصحتهم سلبا ومجتمعاتنا العربية لا تخلو من تلك العادات التي نشأت معنا منذ عهد الأجداد ومنها وضع الحناء على الشعر أو على اليدين حيث بدأ الناس في استعمال الحناء منذ أكثر من 5000 عام إما لغرض العلاج أو لناحية تجميلية ويشكل الحناء عند البعض عادة حتمية خاصة في المناسبات الاجتماعية والأعياد ومظهرا من مظاهر التعبير عن الفرح .
شجرة الحناء يتراوح طولها من المترين الى ستة أمتار وهي ذات تفرعات متعددة ويصل أبعاد أوراقها الى 2 سم * 5سم . تعيش شجرة الحنا عادة في اجواء دافئة ولا تتحمل الاجواء الباردة الاقل من 10 درجات مئوية وتموت عادة اذا تعرضت الى درجة حرارة اقل من 5 درجات مئوية وينتج من استعمال المادة الصبغية في الحناء « 2-hydroxy-1,4-naphthoquinone» او مايدعى حمض الحنا الى ارتباطها مع بروتين الكيراتين الموجود في الجلد او الشعر وظهور اللون الاحمر الداكن والذي يعطي تلك الصبغة القوية والذي قد يدوم حتى سقوط الشعر او الاظافر وكثير من الانواع التي يطلق عليها الحنا هي في الاصل عبارة عن مجموعة اصباغ ومواد كيميائية دون وجود الحنا معها او انه اضيف الى الحنا في بعض الاحيان مجموعة اصباغ او مركبات كيميائية قد تضر بصحة الفرد حيث توصل الطب الحديث الى معرفة الآثار الجانبية لها خصوصا على الدم عند الاطفال المواليد والاطفال في شهرهم الاول من عمرهم والتي قد تودي بهلاك مستعملها لاسمح الله وقبل الشروع في الحديث عن كيفية حدوث تلك الاضرار أود التطرق إلى التعريف إلى ذلك السائل الحيوي وهو الدم ومكوناته حيث ان الدم احد العناصر الحيوية التي تتأثر بالصبغة الموجودة في الحنا على بعض الاطفال في ظروف خاصة سيتم شرحها من خلال هذا الموضوع .
٭ ماهي مكونات الدم ووظيفته؟
- يتكون الدم من مجموعة من كريات الدم البيضاء وكريات الدم الحمراء والتي تشكل النسبة الكبرى في خلايا الدم وتحتوي تلك الخلايا على مايسمى بخضاب الدم أو الهيموجلوبين كما يتكون الدم من البلازما والذي يضم مجموعة بروتينات ويعمل الدم على نقل المواد الغذائية المهضومة والاوكسيجين إلى الخلايا كما يعمل على نقل المواد السمية الى الكلية تمهيدا لتنقية الدم من خلالها وتعمل البروتينات الموجودة في البلازما أو ما يسمى بالأجسام المناعية على محاربة كل الأجسام الغريبة كالبكتيريا والفيروسات كما أن تلك الأجسام المناعية بالإضافة إلى كريات الدم البيضاء تعتبر كمؤشر حقيقي للمناعة لتشخيص أي إصابة جرثومية ويتكون الدم أيضا من صفيحات دموية تعمل على وقف النزيف عند حدوث أي جرح. ويتم تصنيع كريات الدم الحمراء في الكبد وذلك في بداية خلق الجنين ومن ثم تكون تلك المهمة في نخاع العظم المستطيل كما أن هناك عوامل تساعد على تكوين كريات الدم الحمراء واهم تلك العوامل هو مادة الاريثروبيوتين وهو عبارة عن بروتين سكري يتم إفرازه من كبد الجنين أومن الكليتين بعد الولادة ويقوم بتحفيز تصنيع ونمو الكريات الحمراء في نخاع العظم المستطيل ومن ثم إطلاقها في الدورة الدموية لتقوم بوظيفتها لاعضاء الجسم الاخرى.
٭ ماذا يحدث بعد ذلك للكريات الحمراء ؟
- يبلغ معدل عمر كل كرية حمراء سليمة من 110 الى 120 يوما وبعد ذلك يتم التخلص منها عن طريق الطحال وقد تتكسر وتتحلل تلك الكريات في وقت مبكر ومن تلك العوامل التي تؤدي إلى قصر عمر الكرية الحمراء نقص بعض الإنزيمات مثل G6PD حيث يصيب الذكور أكثر من الإناث وتجدر الإشارة أن أكل بعض المواد الغذائية كالفول وتناول بعض الأدوية مثل السلفوناميد والاسبيرين والأدوية المضادة للملاريا وبعض الالتهابات كالتهاب الكبد تشكل العامل الأكبر في نشوء ذلك التكسر والانحلال لكريات الدم الحمراء وتظهر أعراض الانحلال بعد 24-48 ساعة بعد تناول المسببات السابقة
٭ ماذا ينتج عن الانحلال وتكسر الكريات الحمراء؟
- بعد تعرض الكريات الحمراء لأحد العوامل السابقة والتي تؤدي إلى انحلالها يبدأ ارتفاع مستوى المادة الصفراء أو ما يعرف بالبيليروبين في الدم حيث يتصبغ جسم الطفل وعيناه باللون الأصفر كما يتصبغ ايضا بول الطفل باللون الداكن وتقل نسبة الهيموجلوبين مما يحدث هبوطا بالدورة الدموية وقلة تدفق الدم للأعضاء الحساسة وعلى رأسها المخ وحدوث حالة الإغماء في بعض الأحيان حيث يحتاج الطفل إلى نقل دم عاجل. ونشير هنا أن ليس كل تصبغ لجسم الإنسان يعني تكسرا في الكريات الحمراء حيث الالتهابات الكبدية وانسداد القناة المرارية قد يؤدي إلى نفس الأعراض ويمكن التشخيص بدقة بعمل تحاليل مخبرية خاصة .
٭ ماهو دور الحنا في ذلك ؟
- الحنا يدعى علميا « Lawsonia inermis » والتي لديها المقدرة بالارتباط ببروتينات الجسم حيث تعمل على صبغ الشعر، اليدين، القدمين او الاظافر من خلال المادة النشطة (2-hydroxy-1,4-naphthoquinone) ويتم امتصاصها عن طريق الجلد أو فروة الرأس حيث تعمل على تحفيز تكسر الكريات الحمراء وانحلالها خاصة في الأطفال الذين يعانون أصلا من نقص في إنزيم G6PD وقد أجريت دراسة في جامعة ديسل بتركيا عام 2001م حيث شخص طفل يبلغ من العمر 27 يوما بإصابته بانحلال الدم تبعه حدوث فشل كلوي حاد اثر استعمال بعض اصباغ الحنا لمعالجة التهابات فطرية سطحية على جسمه كما شخص حالة مماثلة في دولة الإمارات العربية المتحدة في نفس العام وفي مايو من عام 2004م كشفت دراسة أجريت من قبل مختصين في جامعة تركية إلى تأكيد ذلك كما اشارت هيئة الغذاء والدواء الامريكية الى ان الحنا قد يكون السبب في ظهور طفرات جديدة في جسم الانسان واوضحت ان الحنا غير مناسب لاستعماله كصبغة للشعر .. تحتوي بعض اصباغ الحنا على بعض المواد والعناصر المعدنية الثقيلة السامة مثل الرصاص، الزئبق، النيكل وغيرها والتي قد يطال تأثيرها السلبي جميع اعضاء جسم الانسان . ومن خلال تلك الدراسات التي أجريت في السنوات الاخيرة يتأكد لدينا ان استعمال بعض اصباغ الحنا سواء لأغراض تجميلية كما هو متبع عندنا في مجتمعنا العربي هو إجراء خاطئ للأطفال الرضع الذين يعانون من نقص انزيم G6PD ويجب تجنب مثل تلك الممارسات وعدم استعمال أي مستحضر مجهول التركيب والاستعانة بعد الله بمشورة الطبيب المختص.